في إطار اللامبالاة الساخرة في الثقافة البريطانية (تقليد للأسلوب البريطاني في التقليل من حدة الأمور)، قد يُقال إن الصحافة الساخرة لم تكن سوى ‘محاولة خجولة’ للتعليق على الأوضاع في المملكة المتحدة. لكن الواقع أنها كانت أشبه بموجة عاتية، أعادت تشكيل المجتمع وعكست تناقضاته عبر القرون.” قد يقال إن السخرية لم تكن سوى مجرد ‘محاولة خجولة’ للتعليق على الأوضاع في المملكة المتحدة. ولكن الحقيقة أنها كانت بمثابة موجة عاتية، ساهمت في تشكيل الواقع المجتمعي وعكسه على مدار قرون.
ترجع أصول الصحافة الساخرة البريطانية إلى القرن الثامن عشر، وهي فترة تميزت بالتحولات السياسية والتغيرات الاجتماعية. وقد برزت آنذاك منشورات مثل The Spectator (عام 1711) وThe Tatler (عام 1709)، اللتان اعتمدتا على الذكاء اللغوي والتعليقات اللاذعة لنقد المجتمع والسياسة.
وفي القرن التاسع عشر، ظهر مجلة Punch عام 1841، والتي لعبت دورًا بارزًا في نشر فن الكاريكاتير السياسي، وأصبحت إحدى الركائز الأساسية للصحافة الساخرة البريطانية. ومع بداية القرن العشرين، تأسست مجلة Private Eye عام 1961، والتي برزت كمصدر رئيسي للتحقيقات الصحفية الساخرة، مقدمةً أسلوبًا نقديًا حادًا يمتزج بالسخرية اللاذعة.
أما في العصر الرقمي، فقد استمرت الصحافة الساخرة في التطور عبر منصات إلكترونية مثل The Daily Mash (عام 2007) وNewsBiscuit (عام 2006)، واللتين تعتمدان على الكوميديا السوداء لنقل الأخبار بطريقة هزلية.
المحاكاة الساخرة (Parody): برنامج The Mash Report اعتمد بشكل متكرر على محاكاة نشرات الأخبار الجادة، لكنه كان يسخر من طريقة تناول الإعلام للأحداث من خلال تقليد النمط التقليدي للأخبار بأسلوب هزلي.
المبالغة الساخرة (Exaggeration): نشرت The Daily Mash مقالًا بعنوان: “بريطانيا ستُعاد تسميتها إلى ‘مدرج واحد’ لتعكس دورها كقاعدة انطلاق أمريكية”، في إشارة مبالغ فيها إلى علاقة بريطانيا بالولايات المتحدة، لتقديم نقد لاذع للسياسة الخارجية البريطانية.
اللامبالاة الساخرة في السياق البريطاني
إذا كان هناك عاصفة قوية تسببت في أضرار جسيمة، فقد يقول البريطانيون:
“It’s a bit windy today, isn’t it?”
(إنه يوم عاصف قليلًا، أليس كذلك؟)
بينما في الحقيقة، قد يكون الطقس كارثيًا، لكن استخدام التقليل من شأنه هنا جزء من الحس الفكاهي البريطاني والسخرية الذاتية.
لقد وصلت إلى الأكاديمية الملكية للكتابة الساخرة، المكان الذي نحول فيه كل مأساة إلى كوميديا! جاهز لتبدأ أولى خطواتك في عالم السخرية الاحترافية؟